أقوى سلاح لضرب المجتمعات وتدميرها هو زرع الخلاف فيما بينهم وتأصيله ، لا قنابل ولا مدرعات بل فقط شد فتيل النزاع يكفي لتدميرهم .. يقول الله تعالى : ﴿ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ (المؤمنون - 53)
قاعدة مُدَوّنة موثّقة في القرءان الكريم ، وما زال بعض المختلِّين فكريا يناقشون قضايا الخلاف كأنه ابن تيمية أوالغزالي ، هذا يضرب ذاك بالشرك والتفسيق ، وهذا يضرب ذاك بالكفر والعياذ بالله .
في فترة ما رأينا لوناً آخر من هذا الصراع في العالم الإسلامي حيث السلطان "سليم الأول" وبين "قنصوة الغوري" قائد المماليك التركمان ، وتحديدا في معركة (مرج دابق) الشهيرة في حلب .
حيث اشتد الصراع بسبب مكر الشاه اسماعيل الشيعي ، أراد ضرب الدولتين ببعض ونجح في ذلك نجاحاً مبهر بزرع الخلاف بين الدولتين.
قتل العثمانيون في هذه المعركة من المماليك أكثر من ٧٢ ألفا ، وقتل المماليك من العثمانيين ١٣ ألفا دون النظر لرابط الدين أو حتى العرق .. بعدها ماذا حدث ؟!!
أختفت الدولة المملوكية بعد هزيمة "طومان باي" على يد جيش سليم الأول في معركة اخرى ، وانتهى حكمها فعليا وخسر "سليم الأول" مناطق من اوروبا طالما حارب عليها العثمانيون بسبب سحب قواته وتركيزها على حروب المماليك والشاة اسماعيل ، وبسبب استغلال القوى الأوروبية وابرزهم البرتغاليين وتوحدهم ضد السلطان العثماني.
والسؤال ماذا لو أتحد الجيشان وغزوا اوروبا وأعدنا الأندلس ؟!!
ماذا لو أطاع "قنصوة الغوري" سلطان المماليك "سليم الأول" سلطان الدولة العثمانية ، ولم يتحالف مع الشيعي اسماعيل الصفوي ، ماذا أخذناه من هذا الخلاف إلا أن خسرنا 85 ألف جندي مسلم في معركة واحدة ..!!
بعض التاريخ مؤلم فلا نريد أن يعيد التاريخ نفسه ، نحن نريد صناعة التاريخ ولن نصطنعه بالنزاع والخلاف أبدا ، لا نريد تأجيج الحزبية والطائفية بين فئات الناس المختلفة وأن تكون سبباً في سفك دماً حراما أو حتى تكفير رجل مسلم أو تفسيق رجل مؤمن.
قال الله تعالى : {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} (الأنفال - 46)