التاريخ الإسلامي التاريخ الإسلامي
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

رضوان ملك (حلب) .. مثال الخسة و النذالة في حكام الأمة


هو "رضوان بن تتش بن ألب أرسلان بن جغري بك بن سلجوق بن دقاق" ، (أبو المظفر التركي السلجوقي). 
ولد سنة (475هـ)، ونشأ في (دمشق) في حجر أبيه ، وهو الحاكم السلجوقي لـ (حلب) في الفترة ما بين 1095م إلى حين وفاته في 1113م ، عاصر الحملة الصليبية الاولى و لعبت مؤامراته دوراً بارزاً في سقوط شمال الشام في قبضة الصليبيين ، لرفضه التحالف بفاعلية مع غيره من أمراء الشام ضد العدو المشترك ، لا يُشغِلُ بالَه سوى قمع الشارع الحلبي ، وتثبيت سلطانه على المدينة التي تغلي تحت السطح بأي ثمنٍ من المهادنة مع الصليبيين .

و "رضوان" هذا كان ملك لا يطاق ، فهو نذل و خسيس و جبان و بخيل ، يلقبه أعوانه و وزراؤه (أبى حبة) لشدة بخله ، و ليس في قلبه رحمة ولا شفقة على المسلمين ، و كان يستأسد على أهل (حلب) و يتأرنب لفرنجة (أنطاكية) ، وكان الفرنج يغيرون ويسبون النساء أمام باب (حلب) فلا يخرج إليهم لجبنه ..!!
و في إحدى المرات هاجم الفرنجة (الأتارب) و هي قرية تابعة لحكمه ، فهربت نساء الفلاحين الى (حلب) يحتمين بأسوارها ، فأعدم الفرنجة الرجال و الشيوخ بأن تركوهم في برد ديسمبر ، عراة بلا ثوب أو زاد ولا نار ، فماتو من البرد.

ثم طلب أمير (أنطاكية) الفرنجي من "رضوان" تسليمه حريم الفلاحين ، فسلمه إياهن و لم يرف له جفن ، ثم تشجع الفرنجة فإشترطوا عليه أن يرفع صليب على مئذنة الجامع الأعظم في (حلب) ، ففعل ..!!  
و كان يجبي الضرائب من الناس ليدفعها جزية للغزاة ، و أحدث لذلك في (حلب) مكوساً وضرائب لم تكن قبله.

و حين إستعان أهل البلد بالسلطان "محمد بن ملِكشاه" و الخليفة "المستظهر" العباسي في (بغداد) ، أرسلا جيشاً بقيادة أمير الموصل "مودود بن التوتنكين" لإنجاد الشام من جور الصليبيين.

و هنا كانت الطامة الكبرى ، حيث رفض "رضوان" ملك (حلب) إمداد جيش النجدة بالمؤن أو التعاون معه ، وأعلن الأحكام العرفية داخل (حلب) خوفاً من أن يفتح بعض سكانها أبواب المدينة للجيش ، وأوكل إلى خاصة أنصاره لا سيَّما من الباطنية الحشاشين حماية الأسوار ، ومراقبة المدينة ، ونفَّذت شرطته إعتقالاتٍ واسعة لكل مصادر الخطر من أهل المدينة ، لا سيَّما من شاركوا في دعوة جيش النجدة ، و منع أهل البلد من الإتصال بهم ، حتى أن جنده أبصرو رجلاً على سور (حلب) يخلع عباءته فظنو أنها إشارة لجيش النجدة ، فأمر به فرموه من السور ..!!

تفرق جيش النجدة بعد أن نفَّذ غاراتٍ إنتقامية مؤسفة على ريف (حلب) ، بإستثناء الأمير "مودود" الذي قرر أن يواصل الجهاد ، و قام بأعمال عسكرية رائعة ضد الصليبيين ، توِّجت بإنتصار كبير على الصليبيين قرب (طبرية) شمالي فلسطين عام (507هـ - 1114م). 
لكن إنكسرت تلك الموجة الجهادية عندما إغتال أحد الباطنية الحشاشين الأمير "مودود" في (مسجد دمشق) ، و أشارت أصابع الإتهام في ذلك العمل إلى "رضوان" ملك (حلب) .

و على هذا فقد كرهه الناس ، سواء قبل هذه الأحداث أو بعدها ، فقد كان عليه من الله ما يستحق نذلاً في الحرب و السلم جميعا ، فثار عليه الناس ، و ككثير من الثورات فشلت هذه الثورة ، و أسر "رضوان" الثوار و جعل يعذبهم بأن وضع الحديد الساخن على رؤوسهم و ثقب أرجعلهم و عظامهم ووضع فيها الرزز و الحلق ثم أعدمهم .

مرض "رضوان" بـ (حلب) مرضاً حاداً ، وتوفي في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة (507هـ) ، وعمره إثنان وثلاثون سنة ، ودفن بمشهد الملك.
و أنقرض حكمه و آله من (حلب) ، و لم يَفِده طمعه بشيء ، لانه حين مات وجد أنه لم ينفق شيئاً من المال الذي جمعه ، وقيل إنه خلف في خزانته مليون دينار ، فكأنه جَمعه لمن يملك (حلب) من بعده.

و أن كنت ترى اليوم أن الظلم منتصر في كل مكان حولنا ، بلادنا يحكمها الغزاة و الطغاة ، و كل شرير مسلط على كل خير ، تأمل لنهايات الكثير من طغاتنا و غزاتنا التي لم تكن طيبة ، فمنهم من قتل ، و منهم من قتل أبناؤه في حياته ، و منهم من سجن ، و منهم من نفي ، على كراهية الناس لجميعهم ، بل أن الكثير من ضحاياهم كانت خواتيمهم أكرم و ذكرهم أدوم و ما تركوه في الناس أعظم من الطغاة الجناة عليهم ، فكلما رايت طاغية غداراً سعيداً بظلمه و ملكه ، بَشِره بمزبلة التاريخ ، و تذكر "رضوان بن تتش السلجوقي" ، وأعلم أنه مهزوم لا محالة.












المصادر :
- تاريخ دمشق - إبن عساكر.
- الكامل في التاريخ - إبن الأثير.
- النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة - إبن تغري بردي.
- البداية والنهاية - إبن كثير.


عن الكاتب

التاريخ الإسلامي

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إحصاءات المدونة

جميع الحقوق محفوظة

التاريخ الإسلامي