إنقضت الدعوة السرية عندما نزل قوله تعالى: {فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين} ، فجهر النبي بالدعوة، وبدأ بإنذار عشيرته الأقربين؛ لأن مكة بلد توغلت فيه الروح القبلية، والبدء بالعشيرة، قد يعين على نصرته وتأييده وحمايته.
وقد ذكرت روايات واهية عن علي أنه لما نزل قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين)، جمع النبي لا ثلاثين من أهل بيته، فأكلوا وشربوا، فقال لهم: من يضمن علي ديني ومواعيدي ويكون معي في الجنة، ويكون خليفتي من أهلي؟ فسكتوا، فقال علي : أنا وفضائل على له كثيرة، لكن هذه الرواية منكرة، وسائر شواهدها واهية حبكها الكذابون وتخيلها القصاصون من أصحاب الأهواء.
ولما نزلت: (وأنذر عشيرتك الأقربين) ، خرج
رسول الله حتى الصفا فهتف: "يا صباحاه"، فقالوا: من هذا؟ فاجتمعوا إليه، فقال: "أرأيتم إن أخبرتكم أن خيلا تخرج من سفح هذا الجبل أكنتم مصدقي"؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبا، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد". فقال أبو لهب: تبا لك، ما جمعتنا إلا لهذا ..!! ثم قام ، فنزلت: (تبت يدا أبي لهب وتب) .
ولا يفهم من بدء النبي للدعوة الجهرية بإنذار عشيرته الأقربين في مكة على أنها كانت في ذلك الدور محدودة، وليست عالمية؛ لأن إسلام عشيرته يضمن له التأييد والحماية، كما أن إسلام مكة بمركزها الديني سيؤثر على بقية القبائل، ويتبين من القرآن أن الإسلام اخذ الدعوة في قريش خطوة أولى لتحقيق رسالته العالمية، وكثير من الآيات المكية تتحدث عن القرآن فتقول: (إن هو إلا ذكر للعالمين) الأمر الذي يدل على أن فكرة الدعوة العالمية كانت قائمة منذ ذلك الدور المبكر .
=======================================
المصادر :
- صحيح البخاري ج٤ ص١٩٠٢
- صحيح مسلم ج١ص١٩٣
- احمد بن حنبل المسند ج٢ص٢٥٥