تختلف قصة يوشع عليه السلام عن كل قصص الأنبياء السابقين لأنها لم تذكر بالتفصيل إلا في أحاديث السُنة المشرفة ، عكس بقية الأنبياء الذين ذكر القرآن قصصهم بالتفصيل كما أن الكثير منا لا يعرف عنه إلا إلقليل ..
فمن هو يوشع بن نون ؟ وكيف قاد بني إسرائيل من التيه إلى الفتح ؟! وما قصة توقف الشمس ؟ وماذا فعل بنو إسرائيل بعد دخولهم أريحا؟! وكيف عاقب الله بني إسرائيل للمرة الثانية ؟ وما قصة التابوت ؟!
يوشع بن نون :
هو يوشع بن نون بن افرانيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام ولد في بني إسرائيل وكان شاباً صالحاً محباً للعلم وكان من أصدق الناس إيماناً لموسى ومصاحبة له وقد رجح أغلب المفسرين أنه الفتى الذي صاحب موسى عليه السلام أثناء ذهابه لمقابلة الخضر {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبا} ، وقد بعثه الله خلفا لموسى وهارون عليهما السلام.
بني إسرائيل من التيه إلى الأرض المقدسة :
بعد وفاة موسى وهارون عليهما السلام تولى قيادة بني إسرائيل شاب صالح يسمى يوشع بن نون وكان بني إسرائيل في ذلك الوقت تسوسهم الأنبياء إذا مات نبي بعث نبي لكثرة مخالفاتهم واعوجاجهم وكان في ذلك الوقت قد انتهت سنوات التيه ، وقد مات كل الجيل القديم وخرج جيل جديد تربى على يد الجيل القديم ولكن كان أكثر استقامة ، فتولي يوشع قيادتهم واتجه بهم نحو مدينة أريحا في فلسطين وهي أقدم مدينة في العالم 10000 سنة ، قطع بهم نهر اﻷردن إلى أريحا ، وكانت من أحصن المدائن سورا وأعلاها قصورا وأكثرها أهلا فحاصرها ستة أشهر.
اتجه يوشع نحو أريحا لمحاربة الكنعانيين الوثنيين ( العماليق ) وبدأت معركة عظيمة وأثناء المعركة حدث شيئاً عجيبا .
توقف الشمس :
بدأت المعركة بين بني إسرائيل وبين العماليق يوم الجمعة واستطاع بني إسرائيل أن يحققوا نصرا في أول المعركة ولكنهم وقعوا في مأزق خطير فالشمس شارفت على المغيب والمعركة لم تحسم بعد وهم لا يقاتلون يوم السبت لأن الله نهاهم عن ذلك وبالتالي سيضيع ما حققوه من نصر وربما يتحول النصر إلى هزيمة ، وهنا دعى يوشع ربه أن يطيل النهار ويوقف الشمس حتى ينتصروا فاستجاب الله وتوقفت الشمس وهذه كانت من المعجزات العظيمة التي حدثت لبنى إسرائيل وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذه المعجزة في الحديث الصحيح:
( روى الإمام أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس )
إنتهت المعركة بانتصار بني إسرائيل وجاءت التعاليم من الله لبنى إسرائيل بعد ذلك على لسان نبيهم يوشع فكيف تعاملوا مع أوامر وتعاليم ربهم
أوامر الله وإجرام بني إسرائيل :
بعدما أنعم الله على بني إسرائيل بالانتصار على هؤلاء العماليق جاءتهم التعاليم فقد أمرهم يوشع أن يدخلوا الأرض المقدسة مطأطئين رؤوسهم لربهم وأن يدخلوا سجدا شاكرين لله وأن يقولوا (حِطة) أي حط عنا خطايانا يارب.
فعصوا الأوامر واستهزؤوا بها ودخلوا رافعين رؤوسهم في كبر وبدلاً من أن يسجدوا دخلوا بظهورهم وبدلا من أن يقولوا حِطة قالوا حنطة وهو يضحكون ويهزؤون من يوشع عليه السلام ، هكذا تعاملوا مع نصر الله لهم
وظل بني إسرائيل في فجورهم بعد دخولهم فلسطين وعصوا أوامر نبيهم يوشع عليه السلام وبدأوا يتلاعبون بالتوراة ويحرفون فيها حتى مات يوشع عليه السلام واستمروا في فسادهم وإجرامهم ومخالفة تعاليم أنبيائهم حتى جاءهم العقاب الثاني.
العقاب الثاني وسرقة التابوت :
بعد وفاة يوشع بن نون بقرابة 150 سنة غضب الله على بني إسرائيل لكثرة فسادهم وعصيانهم وتمردهم على أنبيائهم ، فأنزل عليهم رجزا من السماء ، والرجز هو الطاعون فقتل منهم كما ذكر الكثير من المفسرين أكثر من عشرين ألف ، وعلى الرغم من ذلك لم ينتهوا عن سفاهتهم وقتلوا أنبيائهم فسلط الله عليهم الوثنيين العماليق فدخلوا عليهم الأرض المقدسة وانتصروا عليهم وأحدثوا فيهم مقتلة عظيمة وطردوهم وشردوهم ، وأشد من كل ذلك أخذوا منهم التابوت ، والتابوت كان أقدس شيئ عند بني إسرائيل ففيه بقايا التوراة التي أنزلت على موسى وفيها بقايا موسى وهارون العصا والملابس وكان بني إسرائيل يتبركون بهذا التابوت ويعتبرونه مصدر قوتهم وعزتهم فأذلهم الله لمخالفتهم للأوامر وسلط عليهم من يشردهم ويأخذ منهم التابوت ويسومهم سوء العذاب وظل بني إسرائيل مشردين ، حتى جاء نبي عظيم كان أول من أدبهم وجعلهم ينفذون كل الأوامر دون مخالفة أو جدال.
=======================================
المصادر :
- البداية والنهاية إبن كثير
- الكامل في التاريخ إبن الأثير