في زمن غزو التتار لبلاد الاسلام كان حال أمتنا أسوأ مما نحن عليه الآن .. حيث قامت كتيبة من 3 آلاف جندي تتري فقط بتدمير 5 مدن إسلامية كبرى يتجاوز تعدادهم الثلاثة ملايين نسمة ، وهي (الري ، ساوة ، قم ، قاشان ، همدان) وبدأ التتار يقتلون كل السكان ، يقتلون الرجال ، والنساء ، والأطفال ..!! ، وعذبوا وسبوا ونهبوا وأحرقوا البلاد.
وتمت كل هذه الأحداث في عام واحد هو عام 621 هجري ، وهذا من أعجب الأمور التي مرت بالأرض على الإطلاق ..!!
هذا والتتار ليسوا من سكان هذه المناطق ولا يعرفون مسالكها ودروبها وطرقها الفرعية ، و كتيبة التتار أصبحت مقطوعة عن مددها كلما توغلت في ارض المسلمين ، إلى جانب العداء الشديد الذي يُكنَّه أهل هذه المناطق المنكوبة للتتار ، فإذا أضفت إلى كل الاعتبارات السابقة الكثافة السكانية الإسلامية الهائلة في تلك المناطق أدركت أن فرقة التتار ستهلك لا محالة ، فلو خرج عليها أهل البلاد وقد تجاوزوا الملايين فإن التتار لا يقدرون عليهم بأي حال من الأحوال.
لكن الهزيمة النفسية كانت قد دبت في قلوب المسلمين ، وتعلقوا بدنياهم الذليلة تعلقًا لا يُفهم ، ورضوا أن يبقوا في بيوتهم ينتظرون الموت على أيدي الفرقة التترية الصغيرة ، ونزع الله عز وجل مهابة المسلمين من قلوب التتار فما عادوا يكترثون بالأعداد الغفيرة ، وألقى في قلوب المسلمين الوهن والضعف والخور حتى كانت أقدام المائة من المسلمين لا تقوى على حملهم إذا واجهوا تتريًا واحدًا ..!!
و كان الملوك والرؤساء في ذلك الزمن يبادرون إلى الهروب باموالهم و أهلهم ، بينما تسقط شعوبهم المستسلمة في براثن التتار .. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا». فقال قائل: "ومن قِلَّةٍ نحن يومئذٍ"، قال: «بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزِعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ». فقال قائل: "يَا رَسُولَ اللَّه وَمَا الْوَهَنُ؟" قال: «حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ»
(أبو داوود: السنن، باب في تداعي الأمم على الإسلام [4299] )