بعد فتح مكة قَدمَ على النبي وفد ثقيف من الطائف للدخول في الإسلام وكان الوفد بقيادة "عبدياليل بن عمرو" ، فلما رأى النبي الوفد فرح وهلل ، لأن الطائف كانت من أكثر المدن التي استعصت على المسلمين وحاربت الإسلام ، لذلك أحسن النبي ضيافتهم وبنى لهم خياماً خاصة ، وجعل الصحابة يبشون في وجوههم ويحسنون إليهم.
ثم بدأ الوفد يتفاوض مع النبي للدخول في الإسلام فطلب عبدياليل من النبي أن يسمح لهم بالزنى وقال : يارسول الله إنا قوم عزب بغرب ولا يصبر أحدنا على العزبة ، فقال النبي : " لا أجيزكم فهو مما حرمه الله على كل مسلمً.
ثم قال عبدياليل : إذن اسمح لنا في الربا فإن كل أموالنا منه. فقال النبي : " لا أجيزكم الربا فهو مما حرمه الله وليس لكم إلا رؤوس أموالكم ".
ثم طلب من النبي أن يأذن لهم بالخمر وقال له : لانستغنى عنها فهي عصير أعنابنا ، فرفض النبي ولم يأذن لهم.
فلما آيس عبدياليل طلب من النبي أن يضع عنهم الصلاة
فرفض النبي للمرة الرابعة ، وقال لهم : " لاخير في دين لاصلاة فيه ".
فلم يجد الوفد بد من إعلان إسلامهم وقبول ثوابت الإسلام دون تغيير أو إنتقاص.
... كان بإمكان النبي أن يتساهل مع الوفد ويأذن لهم في بعض ما طلبوه حرصا على دخولهم الإسلام وخاصة إنهم جاؤوا له بعد رحلة طويلة من الممانعة والعناد ومحاربة الإسلام ، ولكنه صلى الله عليه وسلم أبىٰ إلا أن يُقام الدين كما أُنزل ، فلا أحد من البشر حتى وإن كان أعظم الخلق محمد صلى الله عليه وسلم ، يملك أن يُرخّص للناس في ثوابت هذا الدين.