في الجزء الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية تقع أكبر صحراء رملية في العالم وتغطي مساحة ٦٥٠ الف كم مربع أي ما يعادل مساحة فرنسا وبلجيكا وهولندا مجتمعة وتتقاسم رقعة هذة الصحراء أربعة دول هي السعودية التي يقع القسم الأكبر من الصحراء داخل حدودها والإمارات وسلطنة عمان واليمن ..
في بدايات القرن العشرين قام الإنجليزي برترام توماس بأول رحلة موثقة لعبور الصحراء قام بأكتشاف بعض أرجائها ودراسة للنباتات والمخلوقات الصغيرة التي تعيش فيها ، وخلال هذة الرحلة سمع توماس لأول مرة بقصة المدينة الضائعة في قلب الصحراء أثناء ضيافته في خيم البدو الساكنين اطرافها ،
لم يصدق توماس هذة الرواية واعتبرها من أساطير البدو وقصصهم الشعبية إلا ان عميل المخابرات البريطانية جون كان له رأي اخر فقد وجد في أرشيف المحفل السري البريطاني وثائق تثبت وجود هذة المدينة والتي كانت تعرف باسم مدينة " عُبار" او " أوبار"...
لم يكن لهذا السؤال سوي جواب واحد وهو ان هذة الطبقات الجبرية البيضاء ما هي إلا بقايا لبحيرات مائية كانت موجودة في الصحراء في العصور الأولي اي ان ارض العرب كانت مروجاً وانهار .
وقد أكد هذا الاستنتاج الكثير من الجولوجيين الذين درسوا المنطقة خلال العقود التالية ، لصحراء الربع الخالي كان مكان يضج بالحياة النباتية والحيوانية في العصور القديمة ..
عن ابي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال " لا تقوم الساعة حتى تعود إرض العرب مروجاً وانهاراً " رواه مسلم .
(والمروج هي الأرض الواسعة كثيرة النبات) ..
المدن الضائعة التي هي أصل السامية الأولي بعد الجفاف الكبير الذي حول الأراضي الي صحراء فاضطرت بسببها نسبة كبيرة من السكان الي الهجرة نحو الشمال ووقعت أكبر هجرة للأقوام السامية تمثلت في الأقوام الأكادية والعمورية والتي توجهت شمالاً نحو سوريا والعراق .
ولم يتبقي في شبة الجزيرة العربية سوي ذكريات القبائل التي تعرف باسم العرب البائدة الذين سكنوا هذة الأرض وهم عاد وثمود والعماليق وجرهم وطسم وجديس وأميم وعبيل ووبار ، وقد انقرضت جميعها قبل مولد نبينا محمد صلي الله عليه وسلم بزمن طويل .
بعد ان انقرضت العرب البائدة منذ زمن طويل ، أتت العرب العاربة وهم القحطانيون ، ابناء قحطان بن عابر بن شالح بن أرفخشيد بن سام بن نوح ، وأخيراً استقر في هذا المكان العرب المستعربة وهم من صلب سيدنا اسماعيل بن سيدنا ابراهيم عليهما الصلاة والسلام ، الذي تزوج من رعله الجرهمية ، فتعلم منهم العربية فسموا المستعربة وصار نسلهم من العرب واندمجوا فيها وهم ينتسبون الي عدنان من نسل سيدنا اسماعيل عبيه السلام ..
أقيمت حضارة عاد في الجهة الجنوبية من الربع الخالي الي شمال حضرموت وقد كانوا في غني وثراء فاحش وأيضاً في جبروت وبطش كبيرين وهذه ليست أسطورة بل قصة حقيقية ذكرها الله في كتابه العزيز .
كانت لهم عدة مدن كبيرة من أشهرها أرم ذات العماد " ذات الألف عمود" وقد ورد ذكرها في القرآن رجاء خبرها في الكتابات التاريخية القديمة في اليمن وبعض الكتب القديمة للمؤرخين الإغريقية .
اختفي قوم عاد واختفت معهم مدنهم المزدهرة من علي وجه السطيحة ، لم يتبقي منهم سوي قصص واستغلوا علي امر الله فأهلكهم بالريح العاصفة .
حياة قوم عاد لم تكن كحالها اليوم صحراوية قاحلة ، بل كانت مروجاً خضراء وعيون قال الله تعالي :
{وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (134) } سورة الشعراء
فكان البناء علي قمم مرتفعة كما جاء ذكرها في القرآن
بال (الريع) والريع تعني المكان المرتفع المشرف قال تعالى : { أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ } (128) الشعراء
لتعطي فخامة وعظمة ورهبة معمارية وهو مزيج جميل خلاب قد جمع بين الخضرة والماء والبناء وهذا دليل لا يمكن التشكيك فيه ..
ان الصحراء العربية كانت مروج وانهار قبل ان تصبح اليوم ارض رملية خاوية .