من هو الفاتح الحقيقي للقسطنطينية ؟!! وما قصة الخيمة التي لم يستطيع السلطان أن يدخلها ؟!! وكيف صنعت التربية الصحيحة المعجزات؟!! وما هي الوصية العظيمة للفاتح ؟
علمونا أن المشايخ والعلماء هم من يرتدون الثياب البيضاء ويخطبون في الناس ، ولكنهم لم يعلمونا أن العلماء هم قادة الأمة لم يعلمونا أن العلماء بحق هم من يقودون الجيوش و يفتحون البلدان ويجودون بأنفسهم رخيصة في سبيل الله قبل العامة ...
الفاتح الحقيقي للقسطنطينية :
ماكان لهذا الشاب الذي تسلم السلطة في ريعان شبابه أن يحقق هذا الانجاز الضخم وهذا الفتح العظيم إلا إذا كان من ورائه عالم جليل ومعلم عظيم أشعل فيه روح الحماسة وصنع منه عملاقا من عمالقة الاسلام، وهذا ما فعله الشيخ آق شمس الدين الفاتح المعنوي للقسطنطينية .
فهذا الشيخ منذ أن تعهد الفاتح بالتربية وهو يبث فيه هذا الأمل ويقول له أنت صاحب البشارة وانت المعني بفتح القسطنطينية وظل الشيخ رحمه الله يرسخ هذه القيمة في ذهن الفاتح حتى جعله يصنع المستحيل ويحقق بشارة النبي صلى الله عليه وسلم ويفتح أعظم حصون أوروبا في ذلك الوقت ويقضي على أعتى إمبراطوريات العالم.
قصة الخيمة :
كان محمد الفاتح يحب شيخه وأستاذه '' أق شمس الدين '' حبا شديدا مما جعله يصطحبه معه عند فتح القسطنطينية وأثناء حصار الجيش العثماني للقسطنطينية وبعد أن صعب أمر فتح القسطنطينية على المسلمين، ضاق صدر محمد الفاتح وذهب إلى شيخه ليتحدث إليه عن صعوبة الموقف وعندما ذهب إلى خيمة الشيخ منعه حراس الشيخ من دخول الخيمة وقالوا له أن الشيخ كلفهم ألا يدخلوا عليه أحدا حتى لو كان السلطان نفسه ..!!
فاشتد غضب محمد وضيقه واستدار من خلف خيمة الشيخ وضربها بسيفه ونظر داخل الخيمة فوجد الشيخ يقيم الليل ساجدا قد وقعت عمامته من فوق رأسه وهو يجهش في البكاء ويتذلل على الله أن ينصر جيش المسلمين ففرح الفاتح وقال : "والله لن نهزم وفينا أمثال هذا الشيخ" ، وعاد إلى جنوده فرحا مستبشرا وإذا به يرى أحد جنوده قادما إليه تغمره الفرحة وينادي على الفاتح بأعلى صوته : '' أبشر أيها السلطان لقد احدثنا ثغرة في سور القسطنطينية وقد بدأ الجنود يتسللون إلى داخل القسطنطينية" ، فاشتد فرح محمد الفاتح وقال : "والله لسعادتي بوجود هذا الشيخ العالم الصالح أق شمس الدين بين المسلمين خيرا أكبر من سعادتي بفتح القسطنطينية".
الفهم الصحيح :
بعد إتمام الفتح سعد السلطان محمد الفاتح سعادة بالغة وذهب ليجلس مع شيخه في خيمته ، ففوجأ بأن الشيخ سمح للجميع أن يدخلوا ويجلسوا معه إلا السلطان ، فحزن الفاتح لهذا الأمر وأصر على مقابلة شيخه وبعد أن قابله عاتبه عتابا شديداً وقال له ياشيخ سمحت للجميع أن يدخلوا خيمتك و منعتني فنظر إليه الشيخ وقال : يا بني إن في هذه الخلوة لذة أخشى إن تذوقتها يصغر الحكم في عينيك فتتركه وتتفرغ للخلوة فتضيع الدولة ويعاقبنا الله على ذلك .
أي فهم للدين هذا رحم الله الشيخ آق شمس الدين.
وفاة الفاتح ووصيته :
بعد أن حقق محمد الثاني نصر من أعظم الانتصارات في تاريخ الاسلام توفي السلطان محمد الفاتح رحمه
الله في سنة ٣مايو ١٤٨١م ٨٨٦ ھ وعمره ٤٩ سنة فقط وتولى من بعده إبنه بايزبد الثاني وترك له وصية عظيمة أهم ما جاء فيها :
" ها أنا ذا أموت وأنا غير آسف لاني أثق فيك .. يابني كن عادلا صالحا رحيما ، ابسط حمايتك على الرعية دون تمييز ، اعمل على نشر الإسلام بكل ما أوتيت من قوة ، لا تستخدم الاشخاص الذين لايهتمون بالدين ولا يجتنبون الكبائر ، عظم جانب العلماء فهم القوة الحقيقية لك ، الدين غايتنا والهداية منهجنا وبذلك انتصرنا ، وأخيرا خذ مني العبرة حضرت هذه البلاد كنملة صغيرة فأعطاني الله النعيم الجليل لانني عشت لدينه فالزم هذا الطريق وإياك أن تحيد ".
ماذا حدث بعد وفاة الفاتح ؟! وماقصة الصراع الذي حدث بين أبنائه؟! .
هذا ما سنعرفه في المقال القادم بإذن الله تعالى.
======================================
المصادر :
1- العُثمانيون في التاريخ والحضارة، محمد حرب.
2- تاريخ العُثمانيين من قيام الدولة إلى الانقلاب على الخلافة، محمد سهيل طقوش.
3- تاريخ الدولة العثمانية (النشأة – الازدهار) وفق المصادر العثمانية المعاصرة والدراسات التركية الحديثة، سيد محمد السيد محمود.
4- تاريخ الدولة العثمانية منذ نشأتها حتى نهاية العصر الذهبي، أحمد فؤاد متولي.
5- تاريخ الدولة العثمانية من النشوء إلى الانحدار، خليل إينالجيك.
6- الدولة العثمانية المجهولة، أحمد آق گوندوز وسعيد أوزتورك.
7- تاريخ الدولة العثمانية، يلماز أوزتونا.
8- الدولة العثمانية تاريخ وحضارة، مجموعة من المؤرخين والباحثين.