في عام 797 ھ 1393م ذهب السلطان بايزيد ليشهد في احد القضايا ، وما أن دخل على القاضي شمس الدين فناري حتى نظر إليه القاضي نظرة حادة وقال له: ارجع إلى حيث أتيت فلاشهادة لك لأنك لا تحافظ على الصلوات في جماعة ومن لا يحافظ على الجماعة من الممكن أن يكذب .
فطأطأ السلطان رأسه واستدار ، ثم خرج وأمر ببناء أكبر مسجد في العاصمة بورصة بجوار قصره ، مسجد '' أولو جامع '' وظل محافظا على الجماعة حتى مات .
فما قصة هذا السلطان ؟ ولماذا لقب بالصاعقة ؟ وماهي أشرس المعارك التي خاضها ؟ وكيف قهر ملوك النصارى ؟.
السلطان بايزيد الأول '' يلدريم '' :
في عام 760ھ ولد السلطان بايزيد بن مراد الأول وما أن بلغ عمره 30 عاما حتى حمل الرأية بعد أبية ، فقد تولى بايزيد الأول الحكم بعد وفاة أبيه سنة 791 ھ 1389م وسار على نفس الدرب الذي سار عليه أبيه وجده في حبهم وعشقهم للجهاد وكان بايزيد شديد البأس قوي الشكيمة لديه قدرة رهيبة في القتال كان ينطلق ليدك حصون الأعداء في أوروبا ثم يعود مسرعا كالبرق ليدكها في آسيا لا ينزل من على
فرسه لذلك لقب بيلدريم أي '' الصاعقة '' وكان دائما ما يقول '' فلتعلم أوروبا أنه ليس أحب إلى نفسي من
محاربة كل مسيحي أوروبا والانتصار علٌيهم وقد سطر بايزيد ملاحم خالدة وأعمال عظيمة .
أهم أعماله رحمه اللّه :
- التوسع في الأناضول :
منطقة الاناضول '' آسيا الصغرى '' من أهم المناطق التابعة آلسٌا ،وتضم العديد من الامارات مثل '' منتشا.. آٌدين.. صارويان.. القرمان .. قسطموني .. أماسيا..آسيوس'' ، وكانت هذه الامارات كثيرة التمرد والتقلب وكانت تشكل مركز اضطراب للدولة العثمانية ، فاستطاع السلطان بايزيد أن يسيطر على هذهالمناطق بعد عدة هجمات شرسة ويخضع كل الاناضول تحت سيطرته عام 793 ھ 1391م .
- السيطرة على بلاد الصرب والبلغار :
بعد السيطرة على الاناضول اتجه بايزيد نحو أوروبا فسيطر على الصرب وعقد معاهدة ودية مع حاكمهامقابل أن يدفع له الجزية وتحمي المسلمين من هجمات المجر والتي كانت تمثل قوة ضاربة للكنيسة في أوروبا وكانت تلقب ''بحامية الصليب''.
وبعد أن سيطر بايزيد على الصرب عن طريق فرض شروطه واخضاع ملكها '' اصطفان بن الزار ''، توجه نحو البلغار وكانت بلغاريا من أهم دول أوروبا في ذلك الوقت ومركز تنطلق منها الهجمات المسيحيةعلى العالم الاسلامي فوجه لها بايزيد ضربة خاطفة استطاع من خلالها السيطرة عليها ووضعها تحتالسيادة الإسلامية في عام 797 ھ 1393م وكان سقوط بلغاريا في يد العثمانيين بمثابة زلزال هزكل أوروبا وبث الرعب في كل ممالكها من شرقها لغربها.
- معركة نٌكوبلس الطاحنة :
بعد تحقيق بايزيد الاول انتصارات ساحقة وتوسعات عظيمة في قلب أوروبا تجمعت أوروبا المسيحية بكلممالكها بقيادة ملك المجر سيجسموند وبدعم البابا يونيفاس التاسع وكونوا جيشاً تخطى المائة الف مقاتل، وقبل المعركة أرسل سيجسموند وفد للسلطان بايزيد ودار الحوار بين الوفد والسلطان :
الوفد: بأي حق جئتم أوروبا ودخلتم بلاد البلغار؟!
السلطان : ابتسم ابتسامة خفيفة ثم رفع المصحف بيمينه وقال بحق هذا جئنا لنبلغ رسالة ربنا وننشر دينه
فمن يقف في وجهنا ليس له عندنا إلا هذا ثم رفع السيف بشماله .
فخرج الوفد منكس الرأس والرعب يملاء قلوبهم .
وبعد عودتهم لبلادهم أعلنت التكتلات الاوروبية المسيحية الحرب على الدولة العثمانية وخرجت جحافل الصليبيين من كل حدب وصوب لمحاربة الاسلام وطرده من أوروبا .
وقد وصل الكبر والغرور بسيجسموند قائد الجيوش الصليبية حدا عظيما حتى أنه قال '' لو أطبقت السماء على الارض لنرفعن السماء بسيوفنا '' .
وما أن وصل هذا المجرم بجحافله الجرارة إلى منطقة نيكوبلس على حدود بلغاريا عام 798 ھ 1396م
حتى انقض عليه السلطان بايزيد،كالصاعقة بمائتي الف مقاتل فمزقهم شر ممزق وقتل منهم عشرات الالاف، ونجى سيجسموند قائد النصارى من الموت بأعجوبة وعاد إلى بلاده مدحورا مهزوما وانتهت المعركة بانتصار ساحق للعثمانيين .
حصار القسطنطينية :
بعد انتصار بايزيد الصاعقة في نيكوبلس اتجه لتأديب كل من تحالف ضده ، ثم شرع ينفذ بشارة النبي صلىالله عليه وسلم بفتح القسطنطينية وحاصرها وأرسل إلى حاكمها البيزنطي مانويل بن يوحنا قائلا:
'' إن لم تسمع وتنفذ ماآمرك به فأغلق عليك مدينتك واكف نفسك فكل ما خارج المدينة هو ملك لي ''
وقد عاند حاكم القسطنطينية في بادئ الامر ولكنه وافق خوفا، من أن دخول السلطان المدينة بالقوة .
وكانت شروط السلطان كالتالي :
1- أن يدفع جزية سنوية للمسلمين.
2- أن يسمح ل6000 من المسلمين دخول المدينة.
3- أن يبني للمسلمين مساجدا ويعطيهم نفس حقوق النصارى.
ظل بايزيد في جهاد يرسخ أركان دولته ويصد هجمات أعداء الاسلام وهو يردد مقولته العظيمة: "لن أنزل من
على فرسي حتى أطعمه الشعير من مذابح القديس بطرس في الفاتيكان".
أي أنه ينوي أن يصل بقوته إلى رأس المسيحية في العالم ويسيطر على رأس الافعى التي كانت تدير المعركة ضد بلاد الاسلام وبالفعل كاد أن ٌيفعلها الصاعقة ، لولا وقوع الحدث الجلل الذي اهتز له العالم الاسلامي .
فما ذلك الحدث؟ وما قصة الاعرج المجرم ؟ والنهاية الأليمة للسلطان ؟ وماهي الشبهة التي أثارها المستشرقون حول بايزيد؟ .
=======================================
المصادر :
1- العُثمانيون في التاريخ والحضارة، محمد حرب.
2- تاريخ العُثمانيين من قيام الدولة إلى الانقلاب على الخلافة، محمد سهيل طقوش.
3- تاريخ الدولة العثمانية (النشأة – الازدهار) وفق المصادر العثمانية المعاصرة والدراسات التركية الحديثة، سيد محمد السيد محمود.
4- تاريخ الدولة العثمانية منذ نشأتها حتى نهاية العصر الذهبي، أحمد فؤاد متولي.
5- تاريخ الدولة العثمانية من النشوء إلى الانحدار، خليل إينالجيك.
6- الدولة العثمانية المجهولة، أحمد آق گوندوز وسعيد أوزتورك.
7- تاريخ الدولة العثمانية، يلماز أوزتونا.
8- الدولة العثمانية تاريخ وحضارة، مجموعة من المؤرخين والباحثين.