التاريخ الإسلامي التاريخ الإسلامي
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

مراد الثاني وعودة الأمجاد (8) - تاريخ الدولة العثمانية من التأسيس حتى السقوط


(انقضوا كل العهود ولاتلتزموا مع المسلمين بعهد فالمسلمين أعدائنا وسيظلوا أعدائنا مدى الحياة ) ..!!!
ماقصة هذا النداء؟ وكيف دفعت أوروبا ثمن تجرؤها على المسلمٌن؟ وكيف أعاد مراد الثاني أمجاد بني عثمان ؟ وما سر اعتزاله للحكم فجأة ؟!!


مراد الثاني والبداية الحازمة :

قبل أن يتوفى السلطان محمد الأول أوصى بالحكم من بعده لابنه مراد لانه رأى فيه الذكاء والقوة والحسم والتقوى وبالفعل تولى مراد الثاني الحكم بعد أبيه فمن هو مراد ؟ .
مراد بن محمد الاول بن بايزيد بن مراد الاول ولد سنة ٨٠٤ھ ١٤٠٢م وكان قوي الجسد شديد سمار البشرة تقيا ورعا تولى الحكم بعد وفاة أبيه بايزيد سنة ٨٢٤ھ ١٤٢١م وعمره لم يتجاوز ٢٠ عاماً.
وما أن تولى الحكم حتى بدأت أوروبا في التخطيط للقضاء عليه وقاموا بإغراء عمه مصطفى ودعموه للانقلاب عليه ، ولكن مراد كان حاسما حازما استطاع أن يقضي على الفتنة مبكراً ويقضي على كل حركات التمرد ،‫ثم بعد ذلك انطلق لتوجيه ضربة قاصمة لمن حرصوا وخططوا للقضاء عليه وهي الدولة البيزنطية بقيادة الإمبراطور مانويل الثاني ، فشن هجوما عنيفا على بعض ممالك الدولة البيزنطية واستولى على سالونيك سنة ٨٣٣ ھ ١٤٣١م وضمها لاملاك الدولة العثمانية واستطاع مراد بهذه القرارات والتصرفات الحاسمة أن يُثبت أركان حكمه ويبث الرعب في قلوب أعدائه وجعلهم يضعون ألف حساب .


توسعات السلطان وعودة الأمجاد :

بعد أن استقر الحكم للسلطان مراد الثاني انطلق لاستكمال مسيرة أجداده ونشر الإسلام وتبليغ رسالة الله للعالم أجمع‫.
فبعد توجيهه ضربة مؤلمة للامبراطورية البيزنطية باستيلائه على سالونيك ، واصل توسعاته حتى وصل إلى شواطئ البحر الأسود والروملي على حدود بلغاريا‫، ثم انطلق للسيطرة نحو ألبانيا ودخلها حتى وصل إلى العاصمة بانيا سنة ٨٣٣ ھ ١٤٣١م ،‫ولم يكتفي السلطان مراد بذلك بل اتجه مسرعاً نحو الصرب ، واخضع ملكها جورج برانكوفيتش ثم توجه إلى ترانسلفانيا ثم المجر ،‫ وأمام هذه القوة الجبارة التي كادت تجتاح كل أوروبا أصدر البابا أوامره لكل دول أوروبا بالاتحاد للقضاء على القوة العثمانية في أوروبا .

وبالفعل اتحدت كلدول أوروبا وكونوا حملة صليبية ضخمة ، عرفت بالحملة الطويلة ،‫ وانطلقت هذه الحملة بقيادةٌ يوحنا هونيادي ملك ترانسلفانيا‫، والتقت الحملة مع جيوش السلطان مراد الثاني الذي كان منشغلاً فيذلك الوقت بالقضاءعلى حركات التمردالتي قامت في منطقة القرم بأوروبا جنوب أوكرانيا ،‫ ودارت بين العثمانيين وقوات التحالف الصليبية معركة شرسة عرفت في التاريخ بمعركة(نيش) في ربيع الاول٨٤٦ ھ ١٤٤٢م،‫ونتيجة للفارق الرهيب بين الجيشين
لصالح النصارى انتصر التحالف الصليبي ،‫ واضطر السلطان أن يوقع معاهدة صلح مع نصارى أوروبا لمدة عشر سنوات تقضي بانسحاب العثمانيين من بعض المناطق وعدم توسعهم في أوروبا أكثر من ذلك .


اعتزال السلطان للحكم فجأة :

بعد عودة مراد الثاني إلى أدرنة عاصمة الدولة العثمانية علم بخبر وفاة إبنه الأكبر علاء الدين الذي كانًيعده لتولي الحكم من بعده فحزن حزنا شديداً وقرر فجأة أن يتخلى عن الحكم لابنه الصغير محمد الثاني " الفاتح '' الذي لم يتجاوز عمره ١٤ سنة وذهب مراد إلى إقليم ميغنسيا يختلي بالعبادة تاركاً حملا ثقيل على أكتاف طفل لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره .

وما أن علمت أوروبا باعتزال مراد الثاني الحكم حتى نادى البابا بوجينوس الرابع في كل دول أوروبا أن لا عهود بيننا وبين المسلمين انقضوا عهودكم مع المسلمين وطهروا أوروبا من العثمانيين وبالفعل استجابت دول أوروبا وكونوا تحالفا ثانياً معلنيين بذلك نقضهم للعهود وحربهم على المسلمين ،‫ وأمام هذا التحالف الخطير لم يجد هذا الفتى الصغير الذي سيكون له شأن عظيم بعد ذلك غير أمر واحد وهو استدعاء أبيه ليواجه هذا الخطر العظيم بنفسه فأرسل إليه رسالة مختصرة وحاسمة يقول له فيها :
( إذا كنت أنت السلطان فعد لتدافع عن ملكك وإذا كنت أنا السلطان فأنا آمرك أن تعود لتقود الجيوش).

وما أن وصلت الرسالة إلى السلطان حتى خرج من خلوته وعاد مسرعاً إلى أدرنة وقاد الجيوش وانطلق كالبرق لمواجهة التحالف الصليبي في عقر دارهم ،‫والتقى الفريقان في معركة شرسة معركة (فارنا) رجب٨٤٨ھ ١٤٤٤م .
وقبل أن تبدأ المعركة فعل السلطان شيئاً عجيباً حيث جاء بالمعاهدة وأمر مقدمة الجيش أن يرفعوها على أسنة السيوف ووقف أمام الجيش في مواجهة جيش النصارى وقال فيهم بأعلى صوته :
(هذه هي المعاهدة التي بيننا وبينكم التزمنا بهاكما أمرنا ديننا أما أنتم فقد خنتم ونكثتم فتحملوا عاقبة أمركم ) ثم أمر بالهجوم فهجمت جيوش العثمانيين بحماسة منقطعة النظير ودكت جحافل الصليبيين في معركة أسطورية وقتل قادة الجيوش الصليبية وتمزق جيشهم تماماً ،‫ واستطاع مراد الثاني أن يعيد السيطرة على كل الممالك التي كان يسيطر عليها العثمانيين قبل ذلك وتعمق في قلب أوروبا أكثر وأكثر.


وفاة السلطان و الوصية العظيمة:

 لم يكن مراد الثاني بارعا فقط في الحروب والسياسة بل كان بارعا ايضا في الادب والشعر والبلاغة، وكان تقيا ورعا عاشقا للقرآن ويكفيه شرفا أنه والد البطل الذي سيحقق بشارة النبي صلى الله عليه وسلم . 
هكذا كان السلطان السادس مراد الثاني رحمه الله‫.

أما وفاته فبعد عودته إلى أدرنة بعد انتصاره على تحالف الصليبيين أصابه تعب شديد وفاضت روحه إلى بارئها سنة 855ھ 1451م وعمره 47 عاما .

وقبل أن يموت ترك وصية عظيمة توضح مدى حب هذا الرجل لدينه وحرصه إرضاء ربه فقد أوصى بأن يدفن في مقابر عادية ولا يبنى له ضريح كما أوصى أٌيضا بأن تبنى مراكز تحفيظ القرآن بجوار قبره حتى يظل قريبا من القرآن حتى بعد وفاته. 

رحم الله مراد الثاني..















=======================================
المصادر :
1- العُثمانيون في التاريخ والحضارة، محمد حرب. 
2- تاريخ العُثمانيين من قيام الدولة إلى الانقلاب على الخلافة، محمد سهيل طقوش. 
3- تاريخ الدولة العثمانية (النشأة – الازدهار) وفق المصادر العثمانية المعاصرة والدراسات التركية الحديثة، سيد محمد السيد محمود. 
4- تاريخ الدولة العثمانية منذ نشأتها حتى نهاية العصر الذهبي، أحمد فؤاد متولي. 
5- تاريخ الدولة العثمانية من النشوء إلى الانحدار، خليل إينالجيك. 
6- الدولة العثمانية المجهولة، أحمد آق گوندوز وسعيد أوزتورك. 
7- تاريخ الدولة العثمانية، يلماز أوزتونا. 
8- الدولة العثمانية تاريخ وحضارة، مجموعة من المؤرخين والباحثين. 

عن الكاتب

التاريخ الإسلامي

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إحصاءات المدونة

جميع الحقوق محفوظة

التاريخ الإسلامي