" لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش '' (مسند الامام أحمد ' ٦٦٤٥ ).
من ذاك البطل الذي سيحقق البشارة ؟ وكيف تربى ؟ وما هي قدراته ومهاراته العجيبة ؟ وكيف فاز بأعظم
بشارة في التاريخ ؟
"محمد الثاني" مولده ونسبه :
محمد الثاني بن مراد الثاني بن محمد الأول بن بايزيد بن مراد الأول بن أورخان بن عثمان السلطان السابع لسلاطين الدولة العثمانية .
ولد محمد الثاني ٢٧ رجب ٨٣٥ ھ ٣٠ مارس ١٤٣١م في مدينة أدرنة عاصمة الدولة العثمانية وقد لقب بالعديد من الألقاب '' الفاتح والقصير وأبى الفتوح وأبى الخيرات '' وأعتبر السلطان محمد الثاني أشهر وأعظم سالطين بني عثمان لتحقيقه بشارة النبى صلى الله عليه وسلم وفتحه للقسطنطينية .
تولى محمد الثاني الحكم بعد وفاة أبيه السلطان مراد الثاني ٥محرم ٨٥٥ ھ ٧ فبراير ١٤٥١م وكان عمره٢٢سنة فقط وقد اعتنى به والده عناية خاصة وأعده ليكون بطل من أبطال الاسلام .
نشأته و تربيته :
حرص مراد الثاني على إعداد ابنه إعدادا جيداً ليقود الامبراطورية العثمانية من بعده فأتى له بالعلماء والمشايخ ليتربى على أٌيديهم ولكن محمداً كان مشاكسا يستهزئ بأساتذته ومعلميه فأخذ والده يبحث له عن شيخاً حازما حتى توصل للشيخ أحمد بن إسماعيل الكوراني فأرسل له السلطان لتعليم ابنه الصغير وأعطاه كل الصلاحيات وفي أول يوم ذهب التلميذ لشيخه ودخل عليه مستهزءا به ومتمردا عليه كما كان يفعل مع سابقيه فما كان من الشيخ إلا أن أمسك به وقيده وضربه ضربا مبرحا حتى خاف منه محمد الثاني خوفاً شديداً وامتثل لكل أوامره وماهي إلا شهور معدودة حتى أتم محمد الثاني حفظ القرآن الكريم كاملًا.
أخلاقه وصفاتة العلمية والأدبية:
لم تكن تربية المشايخ والعلماء لمحمد الثاني تربية عابرة مقتصرة على تحفيظ القرآن فقط ومعرفة بعض التعاليم والاحكام إنما كانت تربية شاملة لبناء قابد عظيم يعرف دينه قولاً وعملاً ويطبق تعاليمه في حكمه وإدارته.
وقد برع الفاتح في العلوم الشرعية والأدبية فقد حفظ القرآن كاملاً ودرس أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وكان بارعا في الفقه كما برع في العلوم العصرية كالرياضيات والفلك والتاريخ واتقن أكثر من ثماني لغات '' العربية والتركية والفارسية و اللاتينية و الروسية والفرنسية والإيطالية واليونانية ".
وكان شاعراً له العديد من دواوين الشعر وخطاطا ورساما وقد ترجم العديد من الكتب إلى اللغات المختلفة .
صفاتة العسكرية و السياسية :
كما ذكرت سالفا أن محمد الثاني تربى تربية شاملة على يد والده ومشايخه '' أحمد الكوراني وآق شمس الدين ".
ولذلك كما برع في علوم الشريعة والادب برع ايضا في السياسة والعلوم والعسكرية وقد اخترت لكم بعضاً من صفاته العسكرية الفذة :
١ - الحسم و الحزم :
على الرغم من أن محمد الثاني كان رحيماً بجنده وجيشه إلا أنه كان حاسماً ويكفي أن أذكر موقفا له مع قائد أسطوله العثماني '' بلطه أغا باشا '' عندما وجد منه تهاونا في مواجهة سفن النصارى ارسل اليه قائلاً :
'' إما أن تغرق سفن النصارى أو تسيطر عليها وإلا فلا ترجع إليحيا " .
ولما لم يستطع بلطه أغا أن يقهر سفن النصارى أصدر السلطان قرار بعزله وعين مكانه حمزة باشا.
٢ - الشجاعة :
كيف لصاحب بشارة النبي صلى الله عليه وسلم ألا يكون شجاعاً فمحمد الثاني من أشجع القادة عبر تاريخ المسلمين والشواهد كثيرة جدا سأذكرها لاحقاً ويكفينا أن أذكر أنه لم يخض معركة في حياته إلا وهو في مقدمة الصفوف وكان قبيل كل معركة يصيح في جنوده بأعلى صوته : '' أيها المجاهدون كونوا جند الله ولتشتعل في نفوسكم حمية الاسلام" .
٣ - العزيمة و الإصرار :
قبل أن يتجه بجيشه إلى القسطنطينية أحصن مدينة في العالم في ذلك الوقت أرسل إلى ملكها البيزنطي يطلب منه تسليم المدينة دون حرب ولكن الملك البيزنطي رد عليه مستهزءا ورافضا فغضب السلطان غضباً شديداً وقال مقولة خالدة توضح مدى إصراره وعزيمته على فتح المدينة : '' عما قريب ليكونن لي في القسطنطينية عرش أو قبر '' ... وقد كان العرش.
٤ - الذكاء :
على الرغم من حداثة سن السلطان الذي لم يتجاوز عمره ٢٢سنة إلا أنه تفوق في ذكائه على ملوك عظام وقادة كبار ويكفيه أنه صاحب أعظم حيلة في التاريخ والتي ساذكرها في معرض حديثنا عن فتح القسطنطينية .
٥ - العدل و التواضع :
لقد ضرب السلطان نموذجاً رائعاً في العدل والتواضع فلم يقع الظلم على أحد من رعاياه إلا وأخذ له السلطان حقه حتى ولو من نفسه والنماذج كثيرة سأذكرها بإذن الله في الجزء الخاص بالجانب الانساني والحضاري والاجتماعي من تاريخ الدولة العثمانية .
حكايات على أسوار القسطنطينية !! وبطولات عجيبة وفريدة !! وخطط خارقة !! هذا ما سنعرفه في المقال القادم.
======================================
المصادر :
1- العُثمانيون في التاريخ والحضارة، محمد حرب.
2- تاريخ العُثمانيين من قيام الدولة إلى الانقلاب على الخلافة، محمد سهيل طقوش.
3- تاريخ الدولة العثمانية (النشأة – الازدهار) وفق المصادر العثمانية المعاصرة والدراسات التركية الحديثة، سيد محمد السيد محمود.
4- تاريخ الدولة العثمانية منذ نشأتها حتى نهاية العصر الذهبي، أحمد فؤاد متولي.
5- تاريخ الدولة العثمانية من النشوء إلى الانحدار، خليل إينالجيك.
6- الدولة العثمانية المجهولة، أحمد آق گوندوز وسعيد أوزتورك.
7- تاريخ الدولة العثمانية، يلماز أوزتونا.
8- الدولة العثمانية تاريخ وحضارة، مجموعة من المؤرخين والباحثين.