لكل أجل كتاب وكل نفس ذائقة الموت ، فحين عصى إبليس الله عز وجل طلب منه أن ينظره إلى يوم يبعثون كما جاء في قول الحق تبارك وتعالي : { قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ، وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ، قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِين َ، إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ } (ص : 81 - 77 )
ذُكر في هذه الآيات ثلاث من أيام الله : يوم الدين ، ويوم البعث ، ويوم الوقت المعلوم .
- يوم الدين : هو يوم القيامة الطويل كما نعرف .
- يوم البعث : وهو يوم بعثنا بعد موتنا .
- يوم الوقت المعلوم : هو اليوم الذي ينتهي فيه إبليس وشياطينه وغوايتهم ويبقى البشر بلا غواية .. فمتى هذا اليوم؟!
لقد استجاب الله عز وجل لإبليس حين سأله النظرة ، ولكن ليس كما يظن بعض الناس أن الله سبحانه وتعالى أنظره إلى يوم القيامة ، فقد طلب إبليس الإنظار إلى يوم البعث ( ألا يموت لأن يوم البعث لا موت فيه ولا بعده ) وهو اليوم الذي يلي النفخ في الصور للحساب والبعث .. أي أن إبليس طلب أن يؤجل القضاء عليه حتى آخر يوم من حياة البشر ، لكن الله عز وجل رفض ذلك وأجله إلى يوم قبله وهو الوقت المعلوم.
أصبح إبليس من المنظرين ولكن ليس إلى يوم يبعثون كما طلب ، وإنما إلى يوم الوقت المعلوم ، وشتان ما بين هذا وذاك .. فيوم الوقت المعلوم هو يوم (طلوع الشمس من مغربها) حين يتم غلق باب التوبة والإيمان على الكافرين إلي يوم القيامة مصداقا لقول الله تبارك وتعالي : { يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا } (لأنعام : 158)
وأيضا لما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ثلاث إذا خرجن لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا : الدابة والدجال ، وطلوع الشمس من مغربها ).
وذلك تمهيدا للنفخ في الصور ويصبح عمل إبليس لا فائدة منه .
وعندئذ يدرك إبليس أنها النهاية ، فيسجد لله عز وجل ويتوب حين لا تنفع التوبة ولا تقبل من الله تعالي.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إذا طلعت الشمس من مغربها وقد جفت الأقلام وطويت الصحف ، يخر إبليس ساجداً ينادي ويجهر : إلهي مُرني أن أسجد لمن شئت ، فيجتمع إليه الشياطين فيقولون له : ما هذا التضرع ؟ فيقول: إنما سألت ربي أن ينظرني إلى يوم البعث فأنظرني إلى يوم الوقت المعلوم وقد طلعت الشمس من مغربها وهذا هو الوقت المعلوم .. قال : ثم تخرج دابة الأرض من صدع في الصفا (جبل الصفا) قال : فأول خطوة تضعها بأنطاكيا فتأتي إبليس ولايزال ساجدا باكياً فتخطمه ».
والله اعلم.