لم تزل ولا تزال خلية الإسلام في الهند تعسل ، والشجرة التي غرستها اليد الكريمة المخلصة ، وسقاها الصالحون من عباد الله بدموعهم ، والمجاهدون في سبيل الله بدمائهم في كل عصر ، تثمر وتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، وإليك طرفاً من عسل ملوكهم ، مذاباً في علو همتهم :
السلطان (مظفر الحليم الكجراتي)
من أهم ملوك الدولة الإسلامية في (الكجرات) (۸۱۰ ه - ۹۹۰ ه).
كان مثلاً عظيما للملوك ، جمع من الفضل الشيء الكثير ؛ كان من حفاظ القرآن ، ومن المحدثين الفقهاء ، تقياً متسامحاً ، حتى سمي ب (الحليم) ، وكان ملماً بعلوم زمانه ، ماهرا في الفنون الحربية ، ماهرا بالخط وبجميع أنواعه ، كتب مصحفين بيده أهداهما للحرمین الشریفین.
ولقد أغار في زمانه أحد ملوك الهندوس على مملكة (مالوه) الإسلامية ، كان يحكمها "محمود شاه الخلجي الثاني" ، فاستنجد "محمود الخلجي" "بمظفر الحليم الكجراتی" ، فأنجده وطرد الهندوس ، فعرض عليه "محمود الخلجي"
أن يكون هو السلطان على (مالوه) ، فقال له مظفر :
« إن أول خطواتي إلى بلادك ، كانت في سبيل الله تعالى لنصرتك ، والحمد لله قد تم لنا النصر فبارك الله لك في ملكك» .. ووعده بالمساعدة دائما ، وأبقى عنده بعض جيوشه .
أنشأ رحمه الله في (مكة) رباطاً ومدرسة وسبيلاً للماء ، وجعل لها وقفاً ينفق على المدرسين و الطلبة ، ومن يقيم بالرباط.
فاضت روحه وهو يدعو بدعاء سيدنا يوسف :
﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾.[يوسف - ١٠١]
المصدر:
- المسلمون فى الهند (ص ٥١ - ٥٣)