بينما أنا أسير ليلاً بين الساعة العاشرة والحادية عشر في إحدى شوارع مدريد ، إذ باثنين مسلحين يرتديان ملابس غريبة قد هجما عليّ يريدان قتلي فنجحت في الفرار وعدت إلى قائدي فأخبرته بما حدث ، فغضب وقال لي إنهم حراس ديوان التفتيش ، ثم أمر بتجهيز ألف جندي وأربع مدافع وأمرني بقيادة هذه المجموعة ومهاجمة الديوان وتفتيشه ، وفي الساعة الرابعة صباحاً اصطحبت الكتيبة وهاجمت الدير ، وإذا بالجنود اليسوعيين يهاجموننا ويستميتون في قتالنا ولكننا انتصرنا عليهم ودخلنا الديوان فقابلنا رهبان اليسوع بالترحيب وكأن شيئا لم يكن، فلما نعبأ بهم ، وأمرت بالقبض عليهم ، ثم تابعنا التفتيش فلم نترك مكان في الدير إلا وفتشناه مرة ومرتين ولكن كل محاولاتنا باءت بالفشل حتى كدنا نوقن أنه لا يوجد أي شيء وأن ماسمعناه عن تعذيب في هذا الديوان محض افتراء وأمرت الجنود بالاستعداد للرحيل.
ولكن الليفتنانت دي ليل استمهلني وطلب مني أن أسمح له بمحاولة أخرى ثم أمر جنودنا برفع السجاد من الغرف وبدأ يسكب الماء ، ثم كانت المفاجأة حيث بدأت المياه تتسرب إلى باطن الأرض ، فصفق دي ليل وبدأ يصرخ وجدنا مانبحث عنه فتتبعنا الماء حتى وجدنا باب أرضي ممزوجا بأرضية الغرفة لايستطيع أحد الوصول إليه فأمرت الجنود بكسر الباب وبالفعل كُسر الباب وإذا بسلالم تأخذنا إلى أعماق لا نهاية لها ، حتى وصلنا إلى ساحة كبيرة وسراديب مرعبة ..!!
لقد صُعقنا من بشاعة ما رأينا حتى أن بعض جنودنا تقيؤ الدم من هول ما رأوا ، لقد رأينا ما لاتصدقه العقول ولاتكتبه الاقلام وتعجز عن فعله الشياطين ، إن هذا اليوم بالنسبة لنا وللبشرية أعظم من يوم الباستيل ...!!!
هذه شهادة للضابط الفرنسي الكولونيل لمونسكي الذي كلفه نابليون بالقضاء على محاكم التفتيش بعد احتلال فرنسا لإسبانيا ١٨٠٨م وقد نقلت لكم جزء مقتضب من شهادته وتركت ربما الجزء الأهم والذي سنتناوله تباعاً ضمن سلسلة المقالات التي نعرض فيها الفظائع التي تعرض لها أجدادنا المسلمون المورسكيون في الأندلس.