التاريخ الإسلامي التاريخ الإسلامي
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

قصة إبادة ( 3 ) .. تسليم غرناطة وضياع الإسلام في الأندلس



" تسليم غرناطة وضياع الإسلام في الأندلس "


التوقيت : الساعة الثامنة مساءًا 
التاريخ : ١ يناير ١٤٩٢م
المكان : بهو قمارش ، قصر الحمراء ، غرناطة 

كان المساء كئيبًا وقد أدى المسلمون صلاة العشاء الأخيرة في مسجد غرناطة ثم تسللوا إلى بيوتهم في ذهول وهم لايدرون مصيرهم المجهول ، لا يدرون غير حقيقة واحدة مؤكدة وهي أن راية الإسلام قد نُكّست وأن هذه آخر ليلة للإسلام في الأندلس وأن هذه الصلاة هي صلاتهم الأخيرة في هذه البلاد ، وفي نفس الوقت الذي كان مسلموا غرناطة يتيهون في شوارعها يتمنون لو أن الموت أدركهم قبل ذلك الوقت .
كان القادة الذين جَبنوا وضعفوا عن مواجهة النصارى وفضّلوا حياة الذل على شرف الشهادة كان هؤلاء القادة يجتمعون في الحمراء ليدبّروا أمرهم ويستعدون لتسليم البلاد لفرناندو الخامس وإيزابيلا ، وأثناء هذا الاجتماع إذا بآخر رجال الأندلس الرجل الذي رفض أن يسجل التاريخ اسمه في صفحات الذل والخزي والعار ، دخل موسى بن أبي غسان على المجتمعين يستحقرهم ويعنفهم : 
"ماذا تصنعون باجتماعكم وقد بعتم آخر معقل للإسلام في الأندلس ..!! إني أريد أن أسألكم سؤالاً واحداً ؟!!!
إذا كان الإسلام قد نُزع من نفوسكم وأنتم قادة الشعب ،ألآ تقاتلون من أجل بلادكم ألا تقاتلون من أجل أولادكم ونسائكم وأموالكم ..!! 
إن كنتم تظنون أن النصارى سيحفظون لكم عهداً أو يوفون لكم وعدا فأنتم واهمون سوف يخدعونكم ويقضون عليكم ، إن الموت هو أقل وأهون ما نخشاه ، 
ياقوم إن ماينتظرنا إن سلمنا هذه البلاد هو نهب الديار وتدنيس المقدسات وهتك الأعراض وخراب البيوت والتعذيب في سجون النصارى والأنطاع والمحارق ، أفيقوا قبل أن يأتيكم يوم تبحثون فيه عن الموت الشريف فلن تجدوه ، أفيقوا قبل أن ينتهي الأمر ولا ينفعكم الندم ، أما أنا فأفضل أن أُحصى في عداد الشهداء من أن أرى آخر معاقل الإسلام في الأندلس تسقط في يد النصارى".


هذا ملخص لآخر وأسوء ليلة مرت على الإسلام في الأندلس فكيف سلمها أبي عبدالله الصغير ؟!

في الوقت الذي وصلت فيه الصراعات والخيانات بين حكام المسلمين لأعلى درجاتها ، بدأ النصارى الإسبان يتجاوزون خلافاتهم وصراعاتهم الداخلية ويتحدوا من جديد بزواج فرناندوا الخامس ملك أراغون وإيزابيلا ملكة قشتالة اللذان نجحا في توحيد ممالك النصارى والزحف لإنهاء الوجود الإسلامي في الأندلس فبدأت ممالك المسلمين تتهاوى في أياديهم الواحدة تلو الأخرى بسبب الخيانات والصراعات ، ولم يتبقى غير غرناطة والتي كانت كفيلة بأن تعيد للإسلام عزه ومجده لولا خيانة أبي عبدالله الصغير وعمه الزغل اللذان تركوا الخطر الصليبي المحاط بهم من كل مكان وانشغلوا بتصفية بعضهم وقتال بعضهم حتى قسموا غرناطة لقوتين متحاربتين ثم تحالف الصغير مع النصارى ليقضي على عمه الزغل لينفرد وحده بحكم غرناطة وبالفعل سيطر على غرناطة بمساعدة النصارى ولكن لم يمضي عليه وقتا طويلاً حتى جاءته جحافل النصارى ، أكثر من ثمانين ألف جاؤوا بقيادة ايزابيلا وفرناندو الخامس وحاصروا غرناطة وطلبوا من الصغير أن يسلمهم غرناطة وكاد الصغير أن يفعل لولا أن أهل غرناطة رفضوا فخضع الصغير وأعلن المقاومة ولكن بعد فوات الأوان فقد أحكم النصارى حصارهم على غرناطة ومنعوا عنها كل شيء حتى كاد أهلها أن يهلكوا تماماً .

فاجتمع الصغير بقادته وقرر التسليم وأرسل وزيره أبي القاسم بن عبدالملك ليتفاوض مع فرناندو وإيزابيلا وبعد أسابيع وقعت معاهدة التسليم في ٢٥ نوفمبر ١٤٩١ وكُتب نعي الإسلام في الأندلس .. ( وكانت المعاهدة تضم ٦٧ شرطاً تجدونهم في التعليقات نقلا عن كتاب محمد عبدالله عنان وأحمد رائف لمن أراد الرجوع قراءتها والمعاهدة موجودة حتى الآن في المتحف الحربي في مدريد ) ..!!

وفي الثاني من يناير ١٤٩٢م دخل فرناندو وإيزابيلا غرناطة ونُكّست راية الإسلام ورفعت راية الصليب فوق قصر الحمراء ونزل الصغير بعد أن سلم مفاتيح غرناطة ليعيش حياة ذل بين الناس ثم قرر أن يغادر الأندلس إلى بلاد فاس فاستأذن من فرناندوا وإيزابيلا وأخذ رحاله وأمواله وذهب إلى مدينة فاس في المغرب ، تاركاً خلفه ملايين المسلمين المساكين الذين لا يعرفون مصيرهم ولا نهايتهم ، فمنهم من قرر الرحيل ومغادرة البلاد تاركاً أرضه ماله وأرضه ومنهم من قرر البقاء مُدجنًا تحت حكم النصارى وقد لقبوا بالمدجنين ومنهم من انسحب إلى جبال البشرات استعداداً للثورة ومحاولة إعادة الأندلس .

 وبدأت العقود السوداء لمن تبقى من المسلمين في الأندلس حيث تعرضوا لأبشع مذابح إبادة في التاريخ والتي عرفت بمحاكم التفتيش ... !!

عن الكاتب

التاريخ الإسلامي

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إحصاءات المدونة

جميع الحقوق محفوظة

التاريخ الإسلامي