في يوم 1250/02/08م ، وقعت معركة المنصورة ، قاد ملك فرنسا لويس التاسع الحملة الصليبية السابعة التي التي تهدف لإحتلال القدس، ولكنها أبحرت نحو مصر لإخراجها من الصراع لضمان إحتلال القدس والبقاء بها بأمان ، والقضاء على الدولة الأيوبية التي كانت تحكم مصر والشام .
منح بابا الكاثوليك إينوسينت الرابع تأييده الكامل للحملة الصليبية السابعة ، فقام الفرنسيون بإحتلال دمياط بسهولة عام 1249م، وحينما وصل الخبر إلى سلطان الدولة الأيوبية الصالح أيوب أشتد عليه المرض إلى أن توفي بعد أشهر قليلة ، فأخفى القادة الخبر حتى لا تنهار المعنويات.
قرر الصليبيون التحرك من دمياط ، كان على لويس الاختيار بين السير إلى الإسكندرية كما اقترح "بيتر أوف بريتني" والبارونات أو السير إلى القاهرة كما أصر "روبرت دو ارتوا" شقيق لويس الذي أشار إلى أنه: "إذا أردت قتل الأفعى فاضربها على رأسها". واختار لويس ضرب رأس الأفعى فأمر بالسير إلى القاهرة.
في 20 نوفمبر 1249م، بعد نحو خمسة أشهر ونصف من احتلال دمياط، خرج الصليبيون من دمياط وتوجهوا نحو المنصورة ، إلى أن وصلوا إلى بحر أشموم، فأصبحت مياه بحر أشموم هي الحاجز الفاصل بينهم وبين معسكر الأيوبيين .
في 8 فبراير 1250م بدأ الفرنجة بالهجوم بعد أن عرفوا منافذ يصلوا بها للجيش الأيوبي، واستطاعوا أن يقتلوا قائد الجيش الأيوبي فخر الدين يوسف الدمشقي، وكانت هذه لحظة فارقة في التاريخ، حيث لأول مرة يجد المماليك في الجيش الأيوبي أنفسهم بدون قائد يقودهم، فرفض المماليك الهرب، وتولوا قيادة المعركة بقيادة فارس الدين أقطاي الذي أصبح القائد العام للجيش .
أعتقد الصليبيين أن المنصورة ستسقط ويفر أهلها منها كما فعلوا في دمياط، وكان لهم ما أرادوا فحين وصل الفرسان الفرنسيين إلى المنصورة وجدوها خاوية ... إلا أن تلك كانت خطة ومكيدة الظاهر بيبرس الذي أمر المسلمين بالتأهب من الجنود والعوام داخل المدينة مع الالتزام بالسكون التام.
وبذلك أستدرج المسلمون الجيش الصليبي إلى داخل المدينة، حيث تم بفضل تلك الخطة تحييد سلاح السفن (الدعم) وسلاح النشابة وسلاح الفرسان الصليبيين جزئيا ، وخرج الجيش المملوكي المختبئ داخل المدينة ومعه أهل المنصورة ، وقد وضع العوام على رؤوسهم طاسات نحاس عوضاً عن خوذ الأجناد، وجرت حرب شوارع داخل المدينة لم ينج فيها من سلاح الفرسان الفرنسي كله إلا ثلاثة أفراد ، و كان على رأس القتلى روبرت دي أرتوا أخو لويس التاسع .
راح الفرنسيين على الضفة المقابلة لبحر أشموم يكدون ويجدون لإتمام الجسر ليتمكنوا من العبور لمساعدة فرسانهم ، ولكن لما وردتهم أنباء سحق الفرسان ، راحوا يلقون بأنفسهم في مياه النيل بغية العودة إلى معسكراتهم وكاد لويس ذاته أن يسقط في الماء.
وبذلك عاد الفرنجة إلى الضفة الشمالية من بحر أشموم، وتحصنوا داخل معسكرهم ثمانية أسابيع يأملون بانهيار القيادة في مصر حتى يتمكنوا من معاودة محاولة التقدم إلى القاهرة.
لم يتحقق حلم الفرنجة، وبدلاً من انهيار القيادة وصل السلطان الأيوبي الجديد توران شاه إلى المنصورة ، وقام بقطع خط الإمداد الفرنجي بين دمياط ومعسكرهم، فأصبح الفرنجة محاصرين في معسكرهم، وبدأ الفرنجة يُعانون الجوع والمرض ويفرون إلى جيش المسلمين بعدما أصابهم اليأس والإحباط. ...
وعلى الرغم من هزيمة لويس التاسع وانتهاء حلمه ببلوغ القاهرة بحصاره في مصيدةٍ المنصورة بقواتٍ جائعةٍ ومريضة وخائفة، إلا أنه عرض على السلطان أن يسلمهم دمياط مقابلَ تسليمه بيت المقدس وأجزاءً من ساحل الشام، فرفض توران شاه العرض .
في 5 أبريل سنة 1250م وفي جنح الليل بدأت قوات الفرنسية رحلة الهروب إلى دمياط، فتمت مطاردتهم وقتلهم من كل جانب حتى وصلوا إلى فارسكور حيث تم تدميرهم بالكامل ووقع الملك لويس وأمراؤه ونبلاؤه في الأسر، وسجنوا بدار ابن لقمان يومَ 6 أبريل من العام نفسه.
انطلق الحمام من المنصورة بنبأ الانتصار على الصليبيين إلى بالقاهرة، فضُربت البشائر بقلعة الجبل وفرح الناس وأُقيمت الزينات.
أسفرت المعركة عن هزيمة الصليبيين هزيمة كبرى منعتهم من إرسال حملة صليبية جديدة إلى مصر والشام لعدة قرون.