جميع الانبياء والرسل حذروا أقوامهم وتابعيهم من المسيح الدجال ، الا انه لم يذكر في القران الكريم.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ: "إِنِّي لَأُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَ نُوحٌ قَوْمَهُ، وَلَكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ: تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ».
وقد روى مسلم في صحيحه عن هشام بن عامر، قَالَ: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ خَلْقٌ أَكْبَرُ مِنَ الدَّجَّالِ».
كان الصحابة رضي الله عنهم يترقَّبون ظهوره ، ويخشون ذلك ، حتى مع قوة إيمانهم:
ففي مسند أحمد عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ لِي: «مَا يُبْكِيكِ؟» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَكَرْتُ الدَّجَّالَ فَبَكَيْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنْ يَخْرُجِ الدَّجَّالُ وَأَنَا حَيٌّ كَفَيْتُكُمُوهُ، وَإِنْ يَخْرُجْ بَعْدِي، فَإِنَّ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ بِأَعْوَرَ».
ومع ذلك لم يأتِ ذكر الدجال في القرآن .. لماذا؟
اختلف العلماء في تفسير ذلك ، وأرى أنَّ أفضل الإجابات عن ذلك أنَّ الله أراد تهوين شأنه فلم يذكر بصريح اسمه في القرآن إحتقاراً له ، لكيلا يُمَهِّد لقدومه بكثير الذكر له عند قراءة القرآن الكريم ؛ خاصَّةً أنه يدَّعي الألوهية.
الدليل على ذلك أنَّ الناس تُعظِّم بعض الرموز إذا تكرر ذكرها ، مثل:
تعظيم الناس لفرعون (الذي ادَّعى الألوهيَّة هو الآخر) مع تكرار ذمه في القرآن ، ولكن فرعون مذكور في القرآن بخلاف الدجال ، لأن فتنته مضت وانتهت ولا يتوقع لكثيرين أن يدينوا بديانته ، وإن كان هذا يحدث مع بعض الضعاف من البشر حتى الآن ، ونراه من بعض الأجانب الذين يزورون آثار الفراعنة أو يدرسون تاريخهم.
أيضًا إدعاء فرعون للألوهية لم يفتن الناس فهو لم يدَّعِ شيئًا من صفات الألوهيَّة ولا قدراتها ؛ إنما إدَّعى فقط أنه من نسل الآلهة ، بينما يدَّعي الدجال الألوهيَّة ذاتها ، ويعطيه اللهُ بعض الـمَلَكات التي تختص بالله تعالى ليفتن الناس ؛ مثل إحياء الموتى ، وإنزال المطر من السَّحاب.
لهذا ، وتهوينًا لشأن الدجَّال في نفوس المؤمنين ، لم يأتِ ذكره في القرآن بشكل مباشر ؛ لأنه فتنةٌ قادمة ، وليست سابقة ، وأصغر وأدحر من أن يحكى عن أمر دعواه ويحذر منه.
فإذا قيل إن يأجوج ومأجوج ، وكذا الدابة ، ذُكروا في القرآن، وهي فتن مستقبلية ، نقول : إن هذه الفتن لا تدَّعي الألوهيَّة، وبهذا ليس خطرها كخطر الدجال.
ومع ذلك يقول بعض العلماء انه أتت الإشارة في القرآن للدجال دون تصريح في قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158].
ففي سنن الترمذي عن أَبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «ثلاث إذا خرجن لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ، الدجال والدابة وطلوع الشمس من المغرب أو من مغربها».
الله سبحانه وتعالى له الإراده المطلقة في تنزيل الوحي سواء كان قرآناً أو حديث نبوي أو حديث قدسي ، ولا يحق لنا أن نملي على الله سبحانه كيف يخاطب عباده.
المصادر :
- تاريخ الطبري
- البداية والنهاية - ابن كثير
- موقع إسلام ويب