بعد بضع سنوات على جلوس السلطان "الظاهر بيبرس" ، قامت عليه جماعات من الشيعة يدعون إلى عودة الخلافة (العبيدية) على تخت السلطنة بمصر مرة أخرى بعد دحرها و زوالها قبل نحو 100 عام أو تزيد.
تزعم الثورة رجل دين شيعي يدعى "الكوراني" ، وهو فارسي الأصل من (نيسابور) ، وقد كان يهدف إلى قلب نظام الحكم وإعادة العبيديين بالحيلة والدهاء.
جمع الناس حوله بإظهاره الصلاح ، وأخذ يقيم الاحتفالات الدينية وحلقات الذكر و خلافه ، و يتحدث من خلالها عن أمجاد دولة العبيديين ، فنجح في جذب بعض المتعاطفين والأنصار ، فتشجع "الكوراني" ودعى إلى إعلان العصيان على "بيبرس" ومماليكه ، ونظم عدد من المسيرات في شوارع القاهرة ليلاً ، ثم هجم على أحد مخازن السلاح والاسطبلات السلطانية ، وغنم ما بها من سيوف وخيل و عتاد ، وتهيأ للإنقضاض على السلطان ومن معه في اللحظة المناسبة ..!!
وقد انضم "للكوراني" عدد من المماليك الكارهين للسلطان "الظاهر بيبرس" و حاشيته ، و عقدوا العزم على الإيقاع به و استدعاء إمام العبيديين لتولى زمام الدولة المصرية مرة اخرى.
وبدأت خطتهم بالتنفيذ و سيطروا على أحياء كاملة من القاهرة بالمكر و الحيلة تارة و بالقوة تارة ، حتى بات الأمر ظاهرًا أبان لهم الغلبة دونما شك .
وعندما علم "بيبرس" بالأمر ، واحاط خبرا بمن حول "الكوراني" ومدى قوتهم ، أرسل لهم كتيبه من (الخاصجية) او حرس السلطان ، وهم اشبه بالقوات الخاصة هذه الايام ، فتمكن بسهولة من الإحاطة بالمتمردين ، واعتقل منهم عدد عظيم ، وفر الباقون إلى الشام و الصعيد ، و وكان من ضمن المعتقلين إمامهم "الكوراني" نفسه ، فتم إيداعه بسجن القلعة لفترة و من معه ، وتم انزال اقصى العذاب عليهم جزاء مافعلوا من تخريب ومتاجرة بعقول العامة.
و بعدها بفترة وجيزة ، وبعد استشارة القضاة ، أقر السلطان "الظاهر بيبرس" بالعقاب على المتمردين وكان عقاب "الكوراني" أن يُصلَب على باب (زويلة) في القاهرة وبقيت جثته لأيام.
وبهذا انتهت جميع محاولات العبيديين المتمردة والعودة إلى سدة الحكم ، و رغم ذلك ظلت طائفة (البُهرة) تحلم بإعادة دولة الشيعة إلى مصر مرة أخرى .. ولعلها ليست إلا أضغاث أحلام.